جميع الفتاوى

أولاً: معنى الوسوسة:
تقدم أن الوسوسة هي حديث النفس، وحديث الشيطان بما لا نفع فيه ولا خير.
وقال الفيروزآبادي: " الوسوسة والوسواس ما يلقيه الشيطان في القلب" [بصائر ذوي التمييز(5/ 208)].
وقال الراغب: "الوسوسة: الخطرة الرديئة" [المفردات ص (522)].
ثانياً: أنواع الوسوسة :
قال ابن تيمية " الْوَسْوَسَةُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ مِنْ الْجِنِّ وَنَوْعٌ مِنْ نُفُوسِ الْإِنْسِ. كَمَا قَالَ: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴾ فَالشَّرُّ مِنْ الْجِهَتَيْنِ جَمِيعًا وَالْإِنْسُ لَهُمْ شَيَاطِينُ كَمَا لِلْجِنِّ شَيَاطِينُ " [مجموع الفتاوى، تحقيق. أنور الباز - عامر الجزار 17/ 517].
فالوسوسة تأتي من الإنس كما تأتي من الجن، لكن الجن وسوسته إلقاء خفي، والإنس وسوسته إلقاء في الأذن كما ذكر ابن القيم.:" في قوله تعالى ﴿ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾ [الناس: 6] يعني أن الوسواس نوعان: إنس وجن، فإن الوسوسة الإلقاء الخفي، لكن الإلقاء الإنسي بواسطة الأذن، والجني لا يحتاج إليها.
ونظير اشتراكهما في الوسوسة اشتراكهما في الوحي الشيطاني في قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾ [الأنعام: 112]" [مخطوط ورقة المحب آخر ورقة فيه، نقلته بواسطة كتاب نضرة النعيم 11 / 5702].
 
وعليه يقال: أن الوسواس نوعان:
الأول: الوسوسة بارتكاب المعاصي والذنوب والمحرمات والفواحش واتباع الهوى
فهذا النوع من الوسوسة له ثلاثة مصادر: النفس (وهي الأمَّارة بالسوء )، وشياطين الجن، وشياطين الإنس.
قال تعالى في النفس: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾.
وقال تعالى في شياطين الجن: ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ﴾.
وقال تعالى في شياطين الإنس: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ * مَلِكِ النّاسِ * إِلَهِ النّاسِ * مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ * الّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ * مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ ﴾ أي أن هذه الوساوس تكون من الجن ومن الناس بني آدم.
 
النوع الثاني: ما يعرض للإنسان من الخواطر والوساوس التي لا يقصدها.
كما يعرض له في وضوئه وصلاته فلا يدري كم توضأ ولا كم صلى، أو أنه طلَّق وهو لم يطلق، أو حلف وهو لم يحلف، أو تعرض له أفكار في عقيدته، ونحو ذلك فهذه وساوس مصدرها من الشيطان وإلقائه الخفي في نفس الإنسان، وهي المقصودة في أحاديث الباب، وهي تختلف باختلاف الشخص ومدافعته، وتكرارها عليه، ومدى استسلامه لها من عدمه، ويظل العبد معها أحيانا في نزاع ومحاولة متأرجحة بين المقاومة والفشل، بحسب قوة اعتماده على ربه ومن ثم اجتهاده، فإن استعاذ العبد من الشيطان وانتهى عن التفكير بها تغلَّب عليه، وإن استجاب له العبد وكان ضعيفا شدد عليه الشيطان وأكثر من وسواسه وتمكن منه حتى يشككه في دينه وربه ونبيه ويهجم على قلبه ويضعف عزيمته وهي الوساوس التي إن غلبت تُسمى (الوسواس القهري)، ويكون دفعها بخطوات ستأتي بإذن الله تعالى
ولابد بشرك ببشارة حلوة حتى تعلم ان الله يحبك: 
الشيطان لايوسوس للكافر لانه تحت رايته كليا. بل يأتي لأصحاب القلوب النقية الصالحة حتى يفتنها عن دينها.
ومرة اتى الصحابة الى سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم 
والحديث عند 
 أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: "وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟" قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ".( رواه مسلم.132)
وفي حديث عَبْدِ اللّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَسْوَسَةِ. قَالَ: "تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ".( رواه مسلم.133)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هذَا، خَلَقَ الله الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللّهِ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذلِكَ شَيْئا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللّهِ".
وفي رواية: " آمَنْتُ بِاللّهِ وَرُسُلِه " رواه مسلم.134
• وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِالله وَلِيَنْتَهِ ".134
• وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال "قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ يَزَالُونَ يَقُولُونَ: مَا كَذَا؟ مَا كَذَا؟ حَتَّى يَقُولُوا: هذَا اللّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ. فَمَنْ خَلَقَ اللّهَ؟".
وأما رواية البخاري فمن قول النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "لن يَبرَحَ الناسُ يتساءَلون حتى يقولوا:.....".
 (7296)
 
فالصحابة جاؤوا يشتكون الوسوسة:
• (إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ ): يتعاظم الرجل الأمر أي عظم عليه والمقصود: نجد في أحاديث النفس أموراً كبيرة يعظم علينا أن ننطق بها لقبحها ونفورنا عنها، فما حكمها؟
فكان جواب صاحب الرسالة:
• (ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ): أي الذي يدفعكم لمنع ما يلقيه الشيطان في القلب واستنكاركم النطق وتعاظم ذلك هو اليقين والإيمان الصريح الواضح الخالص من الشوائب وفي حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- (تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ): أي أن تلك الحال التي تقف أمام الوسوسة وتدفعها هي الإيمان المحض الخالص.
والوسوسة هي حديث النفس وحديث الشيطان مما لا نفع فيه ولا خير.
وقيل المعنى: أن وجود الوسوسة في القلب علامة على الإيمان (الصريح والمحض) وهو الخالص لأن قلب غيرك سيتمكن منه الشيطان ولن يجد معه وسوسة ومدافعة.
• (لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ): أي يسأل بعضهم بعضاً فيما لا يفيد، وفي حديث أنس-رضي الله عنه- في البخاري" لن يَبرَحَ الناسُ يتساءَلون ".
• (هٰذَا، خَلَقَ الله الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللّهِ؟): أي إذا ثبت أن الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟
• (فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذٰلِكَ شَيْئا): أي من هذه الوسوسة.فليقل...
• (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ): يُعرف إتيانه بالوسوسة، لأننا لا نراه.:
• (مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا) وفي رواية أخرى عند مسلم (مَنْ خَلَقَ السَماء؟ مَنْ خَلَقَ الأرض؟ )، والمقصود أنه يسأل عن أشياء مخلوقة للاستدراج لما بعدها مما يريده من الوسوسة.
• (فَلْيَسْتَعِذْ بِالله وَلِيَنْتَهِ): أي فليستعذ بالله من وسوسة الشيطان، ولينته عن الاسترسال في ذلك.
 
قال القرطبي - رحمه الله -: " قل آمَنْتُ بِاللّهِ " أمر بتذكر الإيمان الشرعي، واشتغال القلب به لتمحي تلك الشبهات، وتضمحل تلك الترهات " [المفهم (1/ 345)].
 
فهذه الوسوسة دليل على إيمان صاحبها الشديد ضد
 الوسوسة التي يصارعها قلب المؤمن جراء ما يلقيه الشيطان في قلبه وكراهته ذلك ومدافعته، ذلك أن القلوب التي ضعف فيها الإيمان لن يجد الشيطان فيها عناء حتى يدخل الشبهة عليها.
قال القرطبي - رحمه الله - " ومعنى هذا الحديث أن هذه الإلقاءات والوساوس التي تلقيها الشياطين في صدور المؤمنين تنفر منها قلوبهم، ويعظم عليهم وقوعها عندهم، وذلك دليل صحة إيمانهم ويقينهم ومعرفتهم بأنها باطلة، ومن إلقاءات الشيطان، ولولا ذلك لركنوا إليها، ولقبلوها ولم تعظم عندهم، ولاسموها وسوسة" [ المفهم (1/ 344- 345) ].
لذا ينبغي  الحذر من استدراج الشيطان للعبد وأن له خطوات كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ (البقرة: 167).
قال ابن كثير - رحمه الله -" قال عكرمة: هي نزغات الشيطان " [تفسير ابن كثير (1/ 168)].
فالعلماء لهم قولان
 في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (ذاك صريح الإيمان) وقوله (تلك محض الإيمان):
القول الأول: أن مجرد وجود الوسوسة دليل على صريح الإيمان
 
والقول الثاني: أن مدافعة المسلم لها ونفرته من هذه الوساوس هي دليل على صريح الإيمان.
 فَالشَّيْطَانُ لَمَّا قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ وَسُوسَةً مَذْمُومَةً تَحَرَّكَ الْإِيمَانُ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ بِالْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ وَالِاسْتِعْظَامِ لَهُ فَكَانَ ذَلِكَ صَرِيحَ الْإِيمَانِ.... فَهُنَا لَمَّا اقْتَرَنَ بِالْوَسْوَاسِ هَذَا الْبُغْضُ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ كَانَ هُوَ صَرِيحَ الْإِيمَانِ وَهُوَ خَالِصُهُ وَمَحْضُهُ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِقَ وَالْكَافِرَ لَا يَجِدُ هَذَا الْبُغْضَ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةَ مَعَ الْوَسْوَسَةِ بِذَلِكَ"
 
قال القرطبي في تفسيره سورة الأعراف آية (200): " (تلك محض الإيمان) وفي حديث أبي هريرة (ذلك صريح الإيمان) والصريح الخالص. وهذا ليس على ظاهره، إذ لا يصح أن تكون الوسوسة نفسها هي الإيمان، لأن الإيمان اليقين، وإنما الإشارة إلى ما وجدوه من الخوف من الله تعالى أن يعاقبوا على ما وقع في أنفسهم، فكأنه قال: جزعكم من هذا هو محض الإيمان وخالصه، لصحة إيمانكم، وعلمكم بفسادها، فسمى الوسوسة إيمانا لما كان دفعها والإعراض عنها والرد لها وعدم قبولها" [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، 
 
والخواطر والوساوس التي تطرأ على الفكر لا تخلو من حالين:
• إما أن تكون خواطر عارضة لم تجتلبها شبهة وإنما خطرة على الفكر فهذه تدفع بالاستعاذة والإعراض عنها.
• وإما أن تكون خواطر مستقرة نتيجة شبهة ملمة بالقلب، فهذه لا يكتفى بالإعراض عنها وإنما لابد من دفعها بالعلم والاستدلال والنظر.
 
قال الإمام النووي: " قَالَ الْإِمَام الْمَازِرِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: ظَاهِر الْحَدِيث أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا الْخَوَاطِر بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَالرَّدّ لَهَا مِنْ غَيْر اِسْتِدْلَال وَلَا نَظَر فِي إِبْطَالهَا. قَالَ: وَاَلَّذِي يُقَال فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الْخَوَاطِر عَلَى قِسْمَيْنِ: فَأَمَّا الَّتِي لَيْسَتْ بِمُسْتَقِرَّةٍ وَلَا اِجْتَلَبَتْهَا شُبْهَة طَرَأَتْ فَهِيَ الَّتِي تُدْفَع بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَل الْحَدِيث، وَعَلَى مِثْلهَا يَنْطَلِق اِسْم الْوَسْوَسَة؛ فَكَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمْرًا طَارِئًا بِغَيْرِ أَصْل دُفِعَ بِغَيْرِ نَظَر فِي دَلِيل إِذْ لَا أَصْل لَهُ يُنْظَر فِيهِ. وَأَمَّا الْخَوَاطِر الْمُسْتَقِرَّة الَّتِي أَوْجَبَتْهَا الشُّبْهَة فَإِنَّهَا لَا تُدْفَع إِلَّا بِالِاسْتِدْلَالِ وَالنَّظَر فِي إِبْطَالهَا. وَاَللَّه أَعْلَم ".[شرح النووي لصحيح مسلم 2/ 333-334].
 
 وقد جاءت نصوص الباب وغيرها من الأحاديث في بيان علاج الوسوسة، وإن أغلب من يقع بها إنما يُؤتى من قِبَل جهله بالعلاج الشرعي تجاه الوساوس، وبسبب الانسياق لها فلا يزال الشيطان يأخذ به في كل طريق، ويفتح عليه من الوسوسة أبواباً لم تكن منه على بال بحجة الحرص والاحتياط لهذا الدين فيسوس له بعدم اكتمال وضوئه أو صلاته أو أنه خرج منه ما يبطل أحدهما، وتارة يوهمه في علاقته مع ربه، أو مع أهله أو  مجتمعه ليظفر من ذلك الإخلال بعقيدته أو عبادته، وكل ذلك بسبب جهله بعدوه الشيطان ومكائده وطرق العلاج تجاه هذا الوسواس، حتى يتطور الأمر فيحتاج بعد ذلك علاجا نفسيا وعلاجا طبيا، بسبب غفلته وجهله بالعلاج الشرعي.
: " قال الإمام أبو حامد الغزالي وغيره الوسوسة سببها إما جهل بالشرع وإما خبل في العقل وكلاهما من أعظم النقائص والعيوب " .
 
وخطوات العلاج الشرعي للوسواس ما يلي:
أولاً: أن يعلم المبتلى أن ما أصابه قد أصاب الأخيار من قبله ومن ذلك الصحابة رضي الله عنهم في أحاديث كثيرة في الصحيحين والسنن، ومن ذلك أحاديث الباب حيث جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه عن ذلك وكراهتهم وتعاظم لما يجدونه في نفوسهم فقال صلى الله عليه وسلم "ذاك صريح الإيمان".
 
ثانياً: أن يعلم المبتلى بذلك أن كراهته لما يجول في نفسه ومدافعته إياه دليل على صريح الإيمان الذي في قلبه بنص قول النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقدَّم بيانه.
 
ثالثاً: أن يعلم المبتلى بذلك أن ما أصابه مرض ابتلاه الله به لحكمة، فيصبر على ذلك ويحتسب ويعلم أن في هذا البلاء تكفير لسيئاته، قال تعالى ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾، وهو بما أصابه من هم وغم جرَّاء ذلك مأجور فيه قد يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ).
 
رابعاً: أن يكثر العبد من الاستعاذة بالله تعالى من هذا الوسواس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الباب "وليستعذ بالله"، وقال تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.
 
خامساً: أن يلجأ إلى الله تعالى ويدعوه أن يصرف عنه الوسواس وهذا مما يتضمنه معنى الاستعاذة في الاستدلال السابق، فهي لجوء إلى الله تعالى، فيلجأ إليه ويدعوه ويستعين به في كف شرور الوساوس التي تطرأ ويتحيَّن في ذلك أوقات الإجابة، وليستشعر أن الله تعالى مطَّلع على حاله واضطراره وقال تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء ﴾.
 
سادساً: أن يقول (آمنت بالله ورسوله) كما في حديث الباب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله ورسوله).
قال ابن تيمية- غفر الله له -: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر العبد أن يقول (آمنت بالله) وفي رواية (ورسوله) فهذا من باب دفع الضد الضار بالضد النافع فإن قوله: آمنت بالله يدفع عن قلبه الوسواس الفاسد
ولهذا كان الشيطان يخنس عند ذكر الله ويوسوس عند الغفلة عن ذكر الله ، ولهذا سمي الوسواس الخناس فإنه جاثم على فؤاد ابن آدم فإن ذكر الله خنس ، والخنوس الاختفاء ولهذا سميت الكواكب الخنس..... فأمر النبي صلى الله عليه وسلم العبد أن يقول: آمنت بالله أو آمنت بالله ورسوله فإن هذا القول إيمان وذكر الله يدفع به ما يضاده من الوسوسة القادحة في العلوم الضرورية الفطرية ويشبه هذا الوسواس الذي يعرض لكثير من الناس في العبادات حتى يشككه هل كبر أو لم يكبر؟ وهل قرأ الفاتحة أم لا؟ وهل نوى العبادة أم لم ينوها؟ وهل غسل عضوه في الطهارة أو لم يغسله فيشككه في علومه الحسية الضرورية، وكونه غسل عضوا أمر يشهده ببصره وكونه تكلم بالتكبير أو الفاتحة أمر يعلمه بقلبه ويسمعه بأذنه وكذلك كونه يقصد الصلاة مثل كونه يقصد الأكل والشرب والركوب والمشي وعلمه بذلك كله علم ضروري يقيني أولي لا يتوقف على النظر والاستدلال ولا يتوقف على البرهان بل هو مقدمات البرهان وأصوله التي يبنى عليها البرهان أعني البرهان النظري المؤلف من المقدمات
 
وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد وأن يقول إذا قال: لم تغسل وجهك؟ بلى قد غسلت وجهي ،
وإذا خطر له أنه لم ينو ولم يكبر يقول بقلبه: بلى قد نويت وكبرت، فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه، وإلا فمتى رآه قابلا للشكوك والشبهات مستجيبا إلى الوسواس والخطرات أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه موردا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول وينتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة" .
 
سابعاً: أن يقطع هذه الخواطر ولا يلتفت إليها لقوله صلى الله عليه وسلم: (وليستعذ بالله ولينته) لأنه إن استجاب لها نقلته من حال إلى حال أسوأ، ووسعت عليه طرق الوسوسة في أشياء كثيرة في الحياة. 
 
ثامناً: أن يستحضر دوماً مقصود الشيطان من الوسوسة له، وأنه يريد بها قطع الطريق ولذا هو يجعل العبد يفكر في عبادته وعلاقته مع ربه وأنه قصَّر فيها ولم يأت بالوجه المطلوب، ويُلِبِّس عليه عبادته وعقيدته ليختل شأنه ويعيد عبادته ونحو ذلك، وهذا من تكليف ما لا يطاق، والله تعالى قد تكفَّل لعباده ألا يكلفهم إلا ما يطيقون، وعليه فلا يمكن أن تكون هذه الوساوس والخواطر مما يريده الله تعالى؛ لأنها من تكليف ما لا يطاق، والله تعالى حينما دعوه المؤمنون بقولهم "ربنا ولا تحملنا ما لاطاقة لنا به" قال الله تعالى (قد فعلت) والحديث رواه مسلم، 
فلم يبق من هذه الخواطر التي هي فوق طاقة العبد إلا أن يكون طريق الشيطان لا طريقا أراده الله لعباده، بل هو طريق الشيطان الذي أراد به أن يقطع على العبد علاقته بالله تعالى.
 كُلَّمَا أَرَادَ الْعَبْدُ أن يَسِيرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَرَادَ قَطْعَ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا قِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ: إنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ: لَا نُوَسْوَسُ، فَقَالَ: صَدَقُوا، وَمَا يَصْنَعُ الشَّيْطَانُ بِالْبَيْتِ الخرب.
 
تاسعاً: أن يتذكر بأن كيد الشيطان ضعيف، وأنه لا يقوى إلا على من يستجيب له، أما من جدد عزمه معتمدا على الله تعالى، فلن يتغلَّب عليه الشيطان، بخلاف من يستسلم ويسترسل مع وساوس الشيطان وإغوائه فإنه كلما تقدم الوقت قوي نفوذ الشيطان، وتمكنه من قلب العبد، بخلاف ما لو دافعه من أول الخطرات وأعرض عنه فإن الشيطان سيبقى على أصله ضعيفا هو وكيده، قال تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، لاسيما إذا دافعه العبد بذكر الله تعالى وتلاوة كتابه والرقية الشرعية في ذلك فسيندحر أمام ذلك.
 
عاشرا: أن يعلم المبتلى أن من أهم القواعد النافعة للعبد في هذه الحال معرفته وفقهه لقاعدة [اليقين لايزول بالشك] وهي من القواعد الكلية التي اتفق عليها علماء الأمة، فيعلم العبد أن ما لديه من عبادات أو اعتقادات هي التي تيقن منها، أما ما يطرأ على القلب ويشغل الذهن من أشياء ينكرها هي شكوك لا تؤثر على ما لديه من العقيدة الحقة والعبادة الصحيحة، وعليه إن فعلت عبادة فلا تلتفت للشكوك التي تطرأ عليك، واعلم أنك في يقين وحق، وما طرأ عليك هو وسواس.

(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَكُونُوا۟ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِینَ)
[سورة التوبة 119]
الانسان يصير تقيا بالمجاورة..بالمجالسة..
انت من تجالس ؟
:جماعة القهاوي...فاسق..
٢- مع الذكرين..من جالس قوما حشر معهم.
٣- مع أهل المسجد..فاشهدوا له بالإيمان.
مكانتك وقيمتك حيث وضعك..
وهم يدلونك على الطريق الصحيح، ابق على طريق واحد تصل إليه.
 

قد ثبت في الأحاديث ما يدل على أنه ستكون نهاية الكعبة على يد رجل من الحبشة يقال له: ذو السويقتين، وحمل هذه الأحاديث على المعاصرين اليوم غير ظاهر، بل إن الظاهر أنه سيكون ذلك في آخر الزمان في وقت خلت فيه الأرض من أهل التوحيد، وقبل أوان قيام الساعة بقليل، نص على ذلك العلماء، كابن حجر وغيره.
وسيأتي قبل هذا من أحداث آخر الزمن ظهور المهدي ونزول عيسى فان المهدي يبايع عند الكعبة ثم ينزل عيسى بعد ظهور المهدي ويعيش المسلمون فترة وهم ظافرون غالبون، ثم يأتي ذو السويقتين في مرحلة متأخرة عن ذلك.
ففي الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة.
أخرج الشيخان أنه  قال: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ، وزاد من رواية الإمام أحمد : ويسلبها حليتها، ويجردها من كسوتها، ولكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته ومعوله. وذكر ابن حجر أن هذا الفعل لا يقع إلا في آخر الزمان قرب قيام الساعة.
 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قيل هذا الحديث يخالف قوله تعالى: أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ولأن الله حبس عن مكة الفيل ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة ولم تكن إذ ذاك قبلة، فكيف يسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين؟ وأجيب بأن ذلك محمول على أنه يقع في آخر الزمان قرب قيام الساعة حيث لا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله، كما ثبت في صحيح مسلم: لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله. ولهذا وقع في رواية سعيد بن سمعان: لا يعمر بعده أبدا.....اهـ
وقال المناوي في شرح حديث ابي داود: اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة.
قال: ولا يعارضه قوله تعالى {حرما آمنا} لأن معناه آمنا إلى قرب يوم القيامة فإن هذا التخريب يكون في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام على ما ذكره بعضهم فيأتي إليه الصريخ فيبعث إليه. وقال الحليمي: بل بعد موته وبعد رفع القرآن ورجحه بعض الأعيان وجمع بحمل الأول على أنه يهدم بعضه في زمن عيسى فيبعث إليه فيهرب ثم بعد موته ورفع القرآن يعود ويكمل هدمه إشارة إلى رفع معالم الدين من أصلها
 

هذه المسألة مما قامت الأدلة الصحيحة عن سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بالدلالة على تحريمها، وهي مسألة: الوطء في الدبر، هذه هي اللوطية المعروفة، ويقال لها: اللوطية الصغرى، هذه المسألة محرمة ومنكر ومن الكبائر،
 وقد جاءت الأحاديث عن سيدنا رسول الله ﷺ تحذر من ذلك، وتبين أن وطء الدبر من الزوجة أمر محرم ومنكر، وبه قال عامة أهل العلم وجمهورهم للأحاديث الواردة في ذلك:
 منها قوله عليه الصلاة والسلام: لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في دبرها. رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح وأحمد رحمة الله عليهم،
 ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن -وفي لفظ: في أعجازهن،
 ويروى عنه عليه الصلاة والسلام: ملعون من أتى امرأة في دبرها... في أحاديث كثيرة كلها دالة على تحريم الوطء في الدبر.
ولا يجوز للزوجة أن تطيع زوجها في ذلك، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وقول الزوج إنه لا توجد سورة في القرآن تدل على حرمة الجماع في الدبر خطأ من وجهين: الأول: أن الأحكام الشرعية لا يقتصر في أخذها على القرآن فحسب، بل تؤخذ من السنة أيضا. قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7]. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النساء: 59 ]. فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله، وكرر الفعل أطيعوا إعلاما بأن طاعة الرسول تجب استقلالا من غير عرض ما أمر به على القرآن، فإذا أمر صلى الله عليه وسلم بأمر، وجبت طاعته مطلقا، سواء كان ما أمر به في القرآن أو لم يكن، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من رد سنته بحجة الاكتفاء بالقرآن، فقال صلى الله عليه وسلم: لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا ندري، ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه. رواه أبو داود وأحمد بلفظ: ألا يوشك رجل ينثنى شبعانا على أريكته يقول: عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. ورواه أيضا البيهقي في دلائل النبوة، وبوب عليه: باب ما جاء في إخباره صلى الله عليه وسلم بشبعان على أريكته يحتال في رد سنته بالحوالة على ما في القرآن من الحلال والحرام دون السنة. وقوله صلى الله عليه وسلم: أريكته، شبعان: فيه إشارة إلى أن إنكار الحديث إنما يأتي من المترفين الذين همهم تحصيل الشهوات وعدم المبالاة بأحكام الشريعة، فليحذر المسلم من الوقوع في هذا. الثاني: أن القرآن قد دل على تحريم الجماع في الدبر. فقد قال تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223]. فأباح سبحانه إتيان الزوجة في الحرث وهو موضع الولد وهو الفرج دون غيره. قال ابن عباس رضي الله عنه: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، قال: وما أهلكك؟ قال: حولت رحلي البارحة، قال: فلم يرد علي شيئا، قال: فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية: : نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223]. أقبل وأدبر واتقوا الدبر والحيضة. رواه أحمد والترمذي، قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: قال العلماء: وقوله تعالى: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223]: أي موضع الزرع من المرأة وهو قبلها الذي يزرع فيه المني لابتغاء الولد، ففيه إباحة وطئها في قبلها، إن شاء من بين يديها، وإن شاء من ورائها، وإن شاء مكبوبة، وأما الدبر، فليس هو بحرث ولا موضع زرع، ومعنى قوله: أنى شئتم، أي كيف شئتم، واتفق العلماء الذين يعتد بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها حائضا كانت أو طاهرا، لأحاديث كثيرة مشهورة، كحديث: ملعون من أتى امرأة في دبرها. قال أصحابنا: لا يحل الوطء في الدبر في شيء من الآدميين ولا غيرهم من الحيوان في حال من الأحوال.والله أعلم.
، فإنه لا يجوز للمسلم أن يرى الأفلام التي تسمى الأفلام الجنسية أو الصور والمشاهد التي تعرضها المواقع الإباحية، وفعل ذلك ذريعة للوقوع في الفواحش بمختلف أنواعها، وسبب لغضب الله وسخطه وفساد القلب وانطفاء نوره.
فهذا عليه التوبة والإنابة والتصدق خشية الغضب الإلهي.
ولزوجته أن تطلب الطلاق أمام القاضي

الآية على ظاهرها، وهذا وعد من الله تعالى أن الناس لو استقاموا على الطريقة التي رسم الله لهم من اتباع الشرع وطاعة الأوامر وترك النواهي لأسقاهم الله الغيث الكثير الذي ينفعهم في حروثهم وفي آبارهم وفي سائر شئونهم.
ولكن بسبب التفريط والإضاعة والتساهل قد يؤخذ الناس بأنواع العقوبات التي منها الجدب والقحط ومنع الغيث، كما قال جل وعلا: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30] وقال جل وعلا: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ [الأعراف:130] .
فالحاصل أن القوم قد يعاقبون بالجدب والقحط لمعاصيهم، وقد ينزل الله عليهم الغيث ويمنحهم من فضله أنواع الخيرات بسبب طاعاتهم واستقامتهم على أمر الله.
وأنه لو سار الكفار من الإنس والجن على طريقة الإسلام، ولم يحيدوا عنها لأنزلنا عليهم ماءً كثيرًا، ولوسَّعنا عليهم الرزق في الدنيا؛ لنختبرهم: كيف يشكرون نعم الله عليهم؟ ومن يُعرض عن طاعة ربه واستماع القرآن وتدبره، والعمل به يدخله عذابًا شديدًا شاقًّا.
 

 الروح والنّفسُ جسمٌ نورانيٌ، عُلويٌ، خفيفٌ، حيٌ، ومُتحرِكٌ، يَنفذُ في جَوهر جميع الأعضاء ويَسري في هذه الأعضاء سَريانَ الماءِ في الورد. 
والحقيقة كما تلقيناها عن أشياخنا: 
أن في الجسد لطيفة واحدة، تسمى بحسب عملها ، 
فإذا تفكرت بالملأ الاعلى واحواله تسمى روحا، واذا تفكرت بالاكل والشرب والمشتهيات تسمى نفسا، واذا تفكرت بالمعارف والعلوم تسمى عقلا.
و الروح  إذا فسدت الأعضاء، وخرجت عن تَقبُّل الآثار، فارقت الروحُ الجسد وحدث الموت، وانفصلت إلى عالم الأرواح.
 ومن الأدلة الشرعية عليه : قوله تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) . 
في هذه الآية ثلاثة أدلة وهي الأخبار بتوفي الأنفس، وإمساكها، وإرسالها.
 قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ، وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ). فيُستَدل بهذه الآية على بَسط الملائكة أيديهم لتناول الأنفس، ووصف الأنفس بالإخراج والخروج، والإخبار عن عذاب أنفس الكفار في ذلك اليوم، والإخبار عن مَجيء الأنفس إلى ربها.
وفي قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ) وهذه الآية تدل على الإخبار بتوفي الأنفس بالليل، وبعثها إلى أجسادها بالنهار، وتوفي الملائكة لها عند الموت. وقوله تعالى: ( يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي ). وفيها أدلة على وصف النفس بالرجوع، ووصفها بالدخول، ووصفها بالرضا.
لاحظتم المسميات: 
وحتى افهم معكم يجب ان تعرفوا:
١ - ان الاصل أن النفس أمارة بالسوء،جميع الخلائق. في سورة يوسف، في قوله تعالى:(إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فالنفس تتحدّث وتتمنّى وتأمر وتنهى؛ فالنفس تأمر بالسوء، 
 فإذا جاهدها صاحبها بالمجاهدات والعمل الصالح انتقلت الى: 
٢- اللوامة: تلوم صاحبها على ارتكاب المنكرات.
٣ - فاذا جاهدها انتقلت الى النفس الملهمة تلهمه فعل الخيرات.
٤ - فاذا جاهدها اكثر تصل الى درجة المطمئنة تطمئن وتهدأ لذكر الله وفعل الاعمال الصالحات.
٥ - فإذا رضي بأحكام الله ولم يبد أي شكوى وأي تبرم تصبح نفسه راضية..
٦ -فإذا انقادت لأوامر الله وسلمت له تصبح مرضية عند الله تعالى ...
٧ - والنفس الكاملة هي نفوس الانبياء والرسل الكرام.
 في سورة آل عمران، في قوله تعالى:(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، فالموت كأسٌ سيشرب منه السوء.
 الروح في القرآن الكريم وردت كلمة الروح في القرآن الكريم في أربعة مواضع، على النحو الآتي: في سورة الإسراء، في قوله تعالى:(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا). نزلت هذه الآية حينما سألت اليهود الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- عن الروح، فلم يُجِبهم الرسول الكريم، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية من سورة الإسراء، والمقصود بالروح في الآية الكريمة أي أرواح بني آدم. في سورة الشعراء في قوله تعالى:(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)،، والرُوح الأمين هنا المقصود به جبريل عليه السلام الذي يَنزل بالقرآن الكريم من عند الله تبارك وتعالى ليَنقله إلى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وليس المقصود في هذه الآية أرواح الناس. في سورة غافر، في قوله تعالى:(رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ)،ويُقصد بالروح في هذه الآية الوحي بالرسالة، وهذا يُبيّن حقيقة الوحي، وأنّه حياةٌ وروحٌ للبشرية جمعاء؛ لأنّ القرآن المُوحى به من عند الله -بواسطة الوحي جبريل- فيه صَلاح الناس، والمُسلمين في كلِّ زمانٍ ومكان. في سورة النبأ، في قوله تعالى:(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا)، والروح هنا هو سيدنا جبريل عليه السلام أعلى الملائكة مَقاماً؛ حيثُ يَقف الخَلق جميعاً -بما فيهم الملائكة وعلى رأسهم جبريل- صفّاً، ولا يَتكلَّم أحدٌ من الخَلائق إلّا بإذن الله.
  :و في سورة الزمر، في قوله تعالى:(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).  قال سعيد بن جبير: (إنّ الله يَقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا فتَتَعارف الله أن تَتَعارف، فيُمسك التي قَضَى عليها الموت ويُرسل الأخرى فيُعيدها)، فالمقصود من الأنفس هنا أي الأرواح، وأنها شيءٌ واحدٌ، وأنّ الله يقبض أرواح الناس بالموت والنوم، ثمّ يأخذ أرواح الأموات، ويُعيد أرواح الناس الذين قُبضت أرواحهم بالنّوم، فيستيقظون من نومهم. في سورة الفجر، في قوله تعالى:(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي)، وهي الأرواح المطمئنة التي يُقال لها ارجعي إلى ربَّك؛ أي: صاحبك، وهو البدن الذي كانت فيه ابتداءً.

اختلف العلماء في رطوبات فرج المرأة - الإفرازات -  فذهب أبو حنيفة، والحنابِلة، إلى طهارتها، وهو الرَّاجح من قولَي أهل العلم، 
وذهب المالكيَّة - وهي رواية عن أحمد - إلى نجاستها.
 قال ابن قدامة في "المغني": "وفي رطوبة فرج المرأة احتمالان:
 أحدهما: أنه نجس؛ لأنه في الفرج لا يخلق منه الولد، أشبه المذي.
 والثاني: طهارته؛ لأن عائشة كانت تفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو من جماع؛ فإنه ما احتلم نبي قط، وهو يلاقي رطوبة الفرج، ولأننا لو حكمنا بنجاسة فرج المرأة، لحكمنا بنجاسة منيها؛ لأنه يخرج من فرجها، فيتنجس برطوبته". اهـ.
 ولكن الصواب الأول، وهو أنها طاهرة، ولبيان ذلك نقول:
 إن الفرج له مجريان: 
الأول: مجرى مسلك الذكر، وهذا يتصل بالرحم، ولا علاقة له بمجاري البول ولا بالمثانة، ويخرج من أسفل مجرى البول. الثاني: مجرى البول، وهذا يتصل بالمثانة ويخرج من أعلى الفرج. فإذا كانت هذه الرطوبة ناتجة عن استرخاء المثانة وخرجت من مجرى البول، فهي نجسة، وحكمها حكم سلس البول. وإذا كانت من مسلك الذكر، فهي طاهرة؛ لأنها ليست من فضلات الطعام والشراب، فليست بولاً، والأصل عدم النجاسة حتى يقوم الدليل على ذلك؛ ولأنه لا يلزمه إذا جامع أهله أن يغسل ذكره ولا ثيابه إذا تلوثت به، ولو كانت نجسة للزم من ذلك أن يَنجُس المني؛ لأنه يتلوث بها". والظاهر أن تلك الإفرازات طاهرة ولا تنجس المحلّ ولا الثِّياب، كما أنها لا تنقض الوضوء؛ لأنَّ من توضَّأ وضوءًا صحيحًا؛ فقد تمَّت طهارته بيقين، ولا ينتقل عنْه إلاَّ بنصٍّ صحيح؛ وقد ذكر البخاري في "صحيحه" - تعليقًا - عن أبي هُرَيْرة قال: «لا وضوء إلاَّ من حدثٍ».
 قال أبو محمد بن حزم في "المحلى" - بعد ما ذكر أنَّ رطوبة فرْج المرأة لا تنقض الوضوء -: "بُرهان إسقاطِنا الوضوءَ من كل ما ذكرنا: هو أنَّه لم يأتِ قرآنٌ ولا سنَّة ولا إجماع بإيجاب وضوءٍ في شيء من ذلك، ولا شرع الله - تعالى - على أحدٍ من الإنس والجنِّ؛ إلاَّ من أحد هذه الوجوه، وما عداها فباطل، ولا شرع إلاَّ ما أوجبه الله - تبارك وتعالى - وأتانا به رسولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم". اهـ. وكان الصحابة في عهده صلى الله عليه وسلم يجامع أحدهم زوجته، ولا ينزل، ولابد أن يلامس ذكره ثيابه، فلم يكونوا يؤمرون بغسل ذلك أو التوقي منه.
 قال الشَّوكاني في "نيل الأوطار" - تعليقًا على حديث عن معاوية - قال: قلتُ لأم حبيبة: هل كان يصلِّي النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الثَّوب الذي يجامع فيه؟ قالت: "نعم، إذا لم يكُنْ فيه أذى"؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
 ومن فوائدهِما - كما قال ابن رسلان في "شرح السنن" -: "طهارة رطوبة فرْج المرأة؛ لأنَّه لم يذكر هنا أنَّه كان يغسل ثوبَه من الجِماع قبل أن يصلي؛ لو غسله لنُقل، ومن المعلوم أنَّ الذَّكر يخرج وعليْه رطوبة من فرْج المرأة". اهـ. وعليه؛ فالظَّاهر أنَّ الإفرازاتِ النِّسائيةَ لا تنقُض الوضوء؛ لعدم ورود ما يدلُّ على نجاسة الخارج، أو على أنَّه ناقض للوضوء، ويؤيِّدُه أنَّ هذا الأمر مما تعمُّ به البلوى، سواءٌ في عصرِنا أم في عصر النبوَّة، فلو كان نجسًا أو ناقضًا، لبيَّنه النبيُّ بيانًا عامًّا غير خاف، وأيضًا فإنَّه إفراز طبيعي من الرحِم، ومن ثم يكثر أيَّامَ الحمل،، والله أعلم
وقد قسموا الإفرازات الخارجة من المرأة إلى قسمين:
الأولى: إفرازات تخرج في حال الصحة من غالب النساء وتتميز بالشفافية ولونها يشبه لون الماء، ويعبر عنها الفقهاء في كتبهم بلفظ " الرطوبة ".
الثانية: إفرازات تخرج في حال العلة والمرض، أي إفرازات غير معتادة وتتشكل ألوانها فتارة تميل إلى الحمرة وأخرى إلى البياض وأخرى إلى الكدرة والسواد ونحو ذلك، وأحياناً تؤذي بلسعة الفرج حال خروجها، وقد يصحبه ألم في أسفل البطن.
فذهب الحنفية والظاهرية إلى أن إفرازات النوع الأول غير ناقضة للوضوء، لأنهم اعتبروا هذه الإفرازات طاهرة غير نجسة، وإنما ينقض الوضوء عندهم الخارج النجس.
جاء في حاشية ابن عابدين (1/336): " مطلب: في رطوبة الفرج: ... أما الخارج فرطوبته طاهرة باتفاق بدليل جعلهم غسله سنة في الوضوء ولو كانت نجسة عندهما لفرض غسله ".
وجاء في الدر المختار في شرح تنوير الأبصار: " وينقضه خروج كل خارج نجس من المتوضئ الحي معتاداً أو لا من السبيلين أو لا ". انظر: [ حاشية ابن عابدين 1/84، وانظر المحلي – لابن حزم (1/239) ]. 
ويدعم ما ذهب إليه الحنفية والظاهرية ما يلي:
1- عدم ورود دليل من الكتاب والسنة والإجماع يدلل على وجوب الوضوء بسبب هذه الإفرازات، وغالب أدلة القاضين بالنقض عامة لا تصلح للدلالة على مطلوبهم أو خاصة بخارج معين ليس فيه الإفرازات المذكورة آنفاً.
2- رفعاً للحرج والمشقة عن المرأة، فالقول بفساد الوضوء بهذا النوع من الإفرازات فيه مشقة شديدة وعنت عليها، لأن خروجه ملازم لبعض النساء في حالة الصحة.
3- لأن هذا السائل اللزج الذي يخرج من المرأة إنما يفرزه المهبل ويخرج منه، بحيث لا يتنجس بمروره بمخرج البول والغائط كالحصاة، مما يعني طهارته.
وهذا الترجيح ذهب إليه فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا، جاء في فتاويه (95): " إن هذا السائل اللزج الذي يخرج من المرأة في الحالات العادية ( لا في الحالات المرضية ) ليس بنجس شرعاً ولا ينقض وضوء المرأة ".
أما بالنسبة للنوع الثاني من الإفرازات، والتي تخرج في الحالات المرضية، فالذي عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة القول بنقضها الوضوء لنجاستها وخروجها من أحد السبيلين إذ تخرج مختلطة بالدم والقيح لذا تميل أحياناً إلى الحمرة والكدرة والصفرة ونحو ذلك.
انظر: [ حاشية ابن عابدين (1/284)، الشرح الصغير (1/135)، المجموع (2/4)، المغني لابن قدامة (1/192) ].
ويمكن أن يستدل لرأي جمهور الفقهاء من أن الإفرازات الخارجة في الحالات المرضية ناقضة للوضوء بما يلي:        
1- نجاستها؛ إذ تخرج مختلطة بنجس لذا تميل أحياناً إلى الكدرة أو الصفرة ونحو ذلك، والمعلوم أن الخارج النجس من أحد السبيلين يوجب الوضوء، قياساً على الغائط والبول والمذي ونحو ذلك.
2- ولعدم وجود مشقة في رفعها، إذ أنها تخرج فقط في الحالات المرضية على خلاف النوع الأول من الإفرازات إذ أن خروجها معتاد مستمر في حال الصحة مما يستدعي تخفيفاً فيها. وعليه إذا رأت المرأة شيئاً من هذه الإفرازات فعليها الوضوء لاستباحة الصلاة، فإن كثر نزولها بحيث لازم نصف زمن أوقات الصلاة أو أكثر فتعامل معاملة من به سلس، فتتوضأ بعد دخول الوقت وتصلي، وإن نزل شيء أثناء الصلاة لا يضر.
فلتطمئن المرأة من ماء الطهر،فهو طاهر، ولاينقض الوضوء

لايحتاج لوضوء، لكن الافضل ان يكون متوضئا.

ذكر الله عز وجل التابوت في سورة البقرة، بقوله: (“وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة”)،
كان بنو اسرائيل يتبركون به في معاركهم، يخرجونخ معهم فينصرهم الله تعالى، فلما استولى عليه عدوهم انهزموا، وصاروا يحاولون استرجاعه، وعين لهم سيدنا داود ملكا يقاتلون بقيادته وهو سيدنا طالوت، فلم يعجبهم، فرد عليهم سيدنا داود أن الله هو الذي اختاره لهم  وأخبرهم
  أن علامة بركة ملك طالوت فيكم أن يرد عليكم التابوت الذي أخذ منكم، وفيه سكينة من ربكم، أي وقار وجلالة، وفيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون، أي فيه شيء من عصا وملابس موسى وهارون،( وقيل شيء من رضاض الألواح التي ألقاها موسى من يديه)، فيما أخبر الله عز وجل، تحمله الملائكة، ويروى عن سيدنا ابن عباس قال: “جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت، والناس ينظرون إليه”.
وذكر بعض علماء بني إسرائيل أن التابوت كان بأريحا وكان المشركون لما أخذوه وضعوه في بيت آلهتهم تحت صنمهم الكبير، فأصبح التابوت على رأس الصنم فأنزلوه فوضعوه تحته فأصبح كذلك فسمروه تحته فأصبح الصنم مكسور القوائم ملقى بعيدا، فعلموا أن هذا أمر من الله لا قبل لهم به فأخرجوا التابوت من بلدهم، فوضعوه في بعض القرى فأصاب أهلها داء في رقابهم فأمرتهم جارية من سبي بني إسرائيل أن يردوه إلى بني إسرائيل حتى يخلصوا من هذا الداء، فحملوه على بقرتين فسارتا به لا يقربه أحد إلا مات، حتى اقتربتا من بلد بني إسرائيل فكسرتا النيرين ورجعتا وجاء بنو إسرائيل فأخذوه فقيل: إنه تسلمه داود عليه السلام، .
وهذه آية من آيات الله التي أخبر الله عنها، وقعت في بني إسرائيل في زمن نبي من أنبيائهم للملك طالوت، وكان عبداً صالحاً.

بل رأفة بها افضل ، بان تبعث بها الى مشفى المجانين لتعالج من جنونها، لعلهم يجدون لها علاجا.
والحقيقة أصبح الشباب لايجيدون انتقاء الزوجة، ولايهمهم إلا جمالها، اما عقلها ودينها وفهمها فلايكتشفونه الا بعد فوات الاوان،