تقع مغارة الدم على جبل قاسيون بالقرب من مدينة دمشق .
وللجبال أثر كبير في التاريخ الديني، فجبل سرنديب هبط عليه النبي آدم أبو البشر، وسفينة النبي نوح استوت على جبل الجودي، والفتية الذين أمنوا بربهم أووا إلى الكهف في جبل الرقيم، والنبي موسى بن عمران كلمه الله تعالى على جبل طور، والنبي عيسى وأمه أويا إلى ربوة ذات قرار معين، وجبريل الملك بالرسالة إلى النبي سيدنا محمد في جبل حراء، واختبأ الرسول مع أبي بكر في جبل ثور حين لحقته كفار قريش، وجبل أحد قال عنه النبي محمد :(أحد جبل يحبنا
ونحبه).
إذاً من الطبيعي أن تتأثر باقي الجبال بهذه القصص والحوادث فتنسج حولها الأحاديث والقصص وتصبغ بالصبغة الدينية المقدسة، وقد استطاعت دمشق أن تلفت أنظار العالم الإسلامي وأن تظهر بالمظهر المقدس حتى صارت رابع المدن المقدسة، واستأثر جبلها الخالد قاسيون بالحصة الكبرى من الصفات والقصص ومنها مغارة الدم وهي إحدى أهم المشاهد المقدسة في جبل قاسيون.
ربطت الروايات التاريخية عبر العصور بين مغارة الدم وقصة أول جريمة في التاريخ ألا وهي قصة مقتل هابيل على يد أخيه الأكبر قابيل وهما ولدا آدم ولم يأت هذا الربط بعد الإسلام بل كان ملازماً للمغارة من عصور سابقة له، فقد كانت في السابق معبداً وثنياً ثم تحولت إلى كنيسة إلى أن دخل الإسلام دمشق فأصبح للمغارة مكانة دينية كبيرة لدى المسلمين مرتبطة بما ورد في القرآن الكريم من قصة ابني آدم .
ومختصر الروايةأن قابيل وهابيل أرادا أن يقدما لربهما قرباناً ليتقربا منه، فتقبل الله تعالى من هابيل ولم يتقبل من قابيل الذي غاظه تقبل ربه من أخيه، ووسوس الشيطان له قتل أخيه والخلاص منه ففعل ذلك ثم هام بجثة أخيه فترة من الزمن لا يعلم ما يفعل معها حتى أرسل له الله تعالى غرابين قتل أحدهما الآخر ودفنه فقام بدفن أخيه على نفس الشاكلة،
هذه القصة كما وردت في كتاب الله (سورة المائدة 27- 31).
أما الروايات التي ارتبطت بهذه القصة فهي أن مكان القتل كان على سفح جبل قاسيون بدمشق ، فعندما تمت الجريمة سال دم هابيل على صخر الجبل فشربت الأرض هذا الدم فلعنها
سيدنا آدم فحرم الله على الأرض أن تشرب دماً بعد هذا الدم، ثم فتح الجبل فمه من هول الحادثة ، ويقال: فتح الجبل فمه ليبتلع القاتل، وبكى الجبل حزناً على هابيل، وسار القاتل بجثة أخيه أياماً حتى أرسل الله له الغرابين فتعلم منهما الدفن وقام بدفن أخيه على سفح جبل في منطقة الزبداني حيث كان، وقبره هناك معروف ويزار.
و قيل إن نبياً أو أربعين نبياً لجؤوا إلى مغارة الدم هرباً من ظلم أحد الملوك وما أن داهمهم الخطر في المغارة حتى شقَّ الله الجبل ويسر لهم طريق الخروج من الطرف الأخر فخرجوا تاركين من خلفهم روائح المسك والعنبر التي بقيت في الصخر.
وقيل: إنه في يوم من الأيام كاد أن يسقط سقف مغارة الدم على أحد الأنبياء فقام جبريل بوضع كفه على سقف المغارة فمنعه من السقوط، وبقي أثر كفه في سقف المغارة.
أساطير ليس فيها أثر صحيح.
قيل إن سبب تسمية المغارة بهذا الاسم مغارة الدم هو أن الله سبحانه وتعالى أبقى أثر الدم في الصخر ليكون عبرة للعالمين، ويسمى المكان أيضاً مقام الأربعين أو مغارة الأربعين.
وقيل إن سبب التسمية هو أن سيدنا يحيى بن زكريا أقام هو وأمه فيها أربعين عاماً، وأن الحواريين الذين أتوها مع النبي عيسى بن مريم كانوا أربعين.