المسألة ذات شقين :
الشق الاول: للاعراس والافراح.
والشق الثاني: لغير ذلك
١ - فأما للافراح: فرخص فيه
الحنفية والمالكية في المشهور.
والشافعية والحنابلة.
و أما الثاني: فرخص فيه القاضي أبو يوسف من الحنفية مالم يكن على وجه الفسق.
وقول عند المالكية للعواتق في بيوتهن.
وجاز عند الشافعية في كل سرور نحو العرس في الأصح، ويحرم في غيرها .
وأما الحنابلة فالمذهب اختصاصه بالنساء ويكره فيما عدا العرس ونحوه
قال ابن نجيم في البحر: وَلَا بَأْسَ بِضَرْبِ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ، وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ الدُّفِّ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ بِأَنْ تَضْرِبَ الْمَرْأَةُ فِي غَيْرِ فِسْقٍ لِلصَّبِيِّ، قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. .
قال الدسوقي في حاشيته: وقيل بجوازه فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ النَّفْرَاوِيُّ: الْمَشْهُورُ عَدَمُ جَوَازِ ضَرْبِهِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ كَالْخِتَانِ وَالْوِلَادَةِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ جَوَازُهُ فِي كُلِّ فَرَحٍ لِلْمُسْلِمِينَ ،
وجوز أكثرهم الضرب به للرجال خلافا لأصبغ، قال الدسوقي: قَالَ أَصْبَغُ: لَا يَكُونُ الدُّفُّ إلَّا لِلنِّسَاءِ وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الرِّجَالِ، ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْهُ يَعْنِي مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الْجَلَاجِلِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ.
قال الخطيب الشافعي في مغني المحتاج: وَيَجُوزُ دُفٌّ بِضَمِّ الدَّالِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَدْفِيفِ الْأَصَابِعِ عَلَيْهِ لِعُرْسٍ، لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا ـ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ ـ وَيَجُوزُ خِتَانٌ، لِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ صَوْتَ دُفٍّ بَعَثَ، فَإِنْ كَانَ فِي النِّكَاحِ أَوْ الْخِتَانِ سَكَتَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِمَا عَمِلَ بِالدِّرَّةِ ـ وَكَذَا غَيْرُهُمَا ـ أَيْ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ ـ مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ كَوِلَادَةٍ، وَعِيدٍ، وَقُدُومِ غَائِبٍ، وَشِفَاءِ مَرِيضٍ فِي الْأَصَحِّ، لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ الْمَدِينَةَ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ جَاءَتْهُ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْت إنْ رَدَّك اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْك بِالدُّفِّ، فَقَالَ لَهَا: إنْ كُنْت نَذَرْت فَأَوْفِي بِنَذْرِك ـ
وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ إظْهَارُ السُّرُورِ، قَالَ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ يُسْتَحَبُّ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ وَوَقْتِ الْعَقْدِ وَالزِّفَافِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِأَثَرِ عُمَرَ ـ رضي الله عنه ـ المار.
وقال: وَلَا فَرْقَ فِي الْجَوَازِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ كَمَا يَقْتَضِيه إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ فِي تَخْصِيصِهِ لَهُ بِالنِّسَاءِ. انتهى.
، قال في كشاف القناع الحنبلي: يسن إعلان أي إظهار النكاح والضرب عليه بدف لا حلق فيه ولا صنوج للنساء، لما روى محمد بن حاطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فصل ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح ـ رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه، ويكره الضرب بالدف للرجال مطلقا، قاله في الرعاية، وقال الموفق: ضرب الدف مخصوص بالنساء، قال في الفروع: وظاهر نصوصه وكلام الأصحاب التسوية، وضرب الدف في الختان وقدوم الغائب ونحوهما كالولادة وكالعرس، لما فيه من السرور.
ومن الأحاديثِ التي أباحَته في العيدِ: حديثُ عائشةَ ((أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ الله عنه دخل عليها وعِندَها جاريتانِ في أيَّامِ مِنًى تُدَفِّفانِ وتَضرِبانِ، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم متغَشٍّ بثوبِه، فانتَهَرهما أبو بكرٍ، فكشف النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن وَجهِه، فقال: دَعْهما يا أبا بكرٍ؛ فإنَّها أيامُ عيدٍ، وتلك الأيَّامُ أيَّامُ مِنًى)). رواه البخاريُّ.
وأما الرجال في ضرب الدف فعلى قولين: الأول: يباح ضرب الرجال بالدف في الأعراس ونحوها وهو الذي ظهر لي من مذهب المالكية، والشافعية، وهو ظاهر نصوص أحمد وكلام أصحابه
. الثاني: كراهية ضرب الرجال بالدف في الأعراس ونحوها وهذا مذهب أبي حنيفة وقول عند المالكية والشافعية والحنابلة.
ودليل الجمهور الأحاديث التي فيها الندب إلى ضرب الدف في النكاح دون تخصيص كحديث عائشة: "أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف" وحديث محمد بن حاطب: "فصل ما بين الحلال والحرام الضرب بالدف" وغيرهما.
وأما القائلون بتخصيص ذلك بالنساء فاستدلوا بأن ما ورد من ضرب الدف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو للنساء فقط، قال ابن حجر في فتح الباري 9-226: "والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء، فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن". والذي يظهر لي أن وروده للنساء لا يمنع من إباحته للرجال لاسيما وأنه يجوز للرجل سماعه في حال جواز الضرب به كما روى الترمذي (3690) من حديث بريدة قالك "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالماًُ أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت نذرت فاضربي و إلا فلا، فجعلت تضرب". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. أما ما ذكر من محذور التشبه فهذا مما يختلف فيه العرف اختلافاً كبيراً زماناً ومكاناً،
فإذا علمت ما مر ظهر لك أن الضرب بالدف مستحب أو مباح في العرس ونحوه للنساء وهذا كالإجماع، وأن في ضرب الرجال بالدف خلافا والجمهور على جوازه، وأنه في غير العرس ونحوه مختلف فيه فقيل هو محرم وقيل مكروه وقيل مباح
فإذا ثبت انه يضرب فيه للفرح والسرور ،أجاز اهل الطرق استعماله لحلقات الذكر لانهم يفرحون بربهم اكثر من فرحهم بزواجهم.وهو كالتصفيق لتهييج الذاكرين، الهدف شيء سامي وليس اللعب واللهو.